مجلة الكتابة الإبداعية ا يوليو - العدد الثامن 2022

ربما قرأت عن شجرة الخيرزان الصينية التي تُعرف أيضاً بساق البامبو، والتي تبقى غارقة تحت الأرض سنوات متواصلة، العجيب أنها في السنوات الأربع الأولى لا يظهر منها سوى بُرعم صغير جداً، يُكافح من أجل البقاء حياً، وبعدها مع بداية السنة الخامسة لن تحتاج أكثر من ثلاثة أشهر حتى يصل ارتفاعها إلى 30 متراً، أي ما يُعادل بناية مكونة من عشرة طوابق!

طيلة فترة الأربعة سنوات تنمو البذرة من الداخل، وتتشعّب جذورها، وتترسخ، وعندما يحين وقتها تكون جاهزة لتُقدم للبشرية أفضل ما لديها، نسبة أوكسجين أعلى من أيّ شجرة أخرى بنسبة 35%، كما أنها الشجرة الأكثر امتصاصاً للكربون، هذا عدا عن استخداماتها الأخرى، الطبية والبناء والآلات الموسيقية والأثاث والغذاء أيضاً.  

سمعت أحد الخبراء يوماً يدّعي أنه إذا كنت تطمح لأن تُصبح خبيراً في مجال ما، يجب أن تقرأ عنه بانتظام لمدة لا تقل عن الخمسة سنوات، بالنسبة لي أصدق كلامه، وبغض النظر عن تفاصيل نجاح أيّ تجربة خلال هذه الفترة الزمنية، فأنا أؤمن بأننا قادرون على أن نصنع شيئاً فريداً وتحسين نوعية حياتنا إذا ما التزمنا بالقدر الكافي بما نريده بالفعل.

ربما تقرأ مقالاً حتى النهاية، وتقرأ آخر فلا تتعدى السطر أو السطرين، ينطبق الحال على الكِتاب أيضاً، حدّثني أحد الأصدقاء أنه قام بشراء رواية بناءً على عنوانها الجذاب، ومن دون أن يُكلّف نفسه تصفّح أوراقها الداخلية، أراد أن يقتنيها بناء على العنوان، وبضع أسطر في الغلاف الأخير، وحينما جاءت لحظة الاكتشاف، وجد نفسه يقفز سريعاً بين الصفحات، كانت صدمته كبيرة لم تكن بالمستوى المطلوب، بالنسبة إليه!

ربما نتعلّم الدرس الأهم من شجرة الخيرزان الصينية، أو ساق البامبو، أنه من الأفضل أنّ نبذل الجهد الكافي لاكتساب المعرفة والممارسة اللازمة لعملية الكتابة، تذكر، دائماً ما تكون البدايات صعبة، لإتقان أيّ شيء، وأنا على يقين أنك قد جربت هذه البدايات عندما كنت طفلاً صغيراً تحبو على الأرض، لم تقف طويلاً، كان يقودك الشغف لرؤية من حولك بمستوى آخر، حاولت المشي، وبالتأكيد لم تُوقفك المحاولة الأولى ولا المائة، عن الاستمرار لبلوغ هدفك، فالشغف يقودك إلى المستوى الآخر والتجربة الجديدة، تجربة المشي على قدميك.

وأنت كذلك عزيزي الكاتب، لابد أن يقودك شغفك للكتابة، لفعل المستحيل كي تكتب الكتاب الذي سيساهم في إسعاد الآخرين ووضع بصمتهم في الحياة.